حدیث روز
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ اَللهمَّ کُن لولیَّک الحُجةِ بنِ الحَسَنِ صَلَواتُکَ عَلَیهِ وَ عَلی ابائهِ فی هذهِ السّاعةِ، وَ فی کُلّ ساعَة وَلیّا وَ حافظاً وقائِداً وَ ناصِراً وَ دَلیلاً وَ عَیناً حَتّی تُسکِنَهُ اَرضَکَ طَوعاً وَ تُمَتّعَهُ فیها طَویلاً

جمعه, ۳۰ شهریور , ۱۴۰۳ Friday, 20 September , 2024 ساعت تعداد کل نوشته ها : 2534×

بسم اللّه الرّحمن
الرّحیم

قاعدة عدم
اشتراط الاشهاد فی العقود والایقاعات

تقریرا لابحاث
شیخنا الاستاذ: السیفي المازندراني
مدّ ظله

المحقق: السید
محمد الجلالي

التقریرات

تمهید

من البحوث الهامة فی باب الشهادات اشتراط
الاشهاد فی صحة العقود والایقاعات وعدمه، ثم البحث عن مستثنیات هذه القاعدة.

فنقول وعلی الله الاتکال.

یقع الکلام فی ثلاثة  محاور

الاول: تاسیس القاعدة
الاولیة: وهی انه لا اعتبار بالاشهاد فی شیء من العقود والایقاعات الا ما استثنی.
وبعبارة أخری: کل عقد وایقاع لا یعتبر فی صحته الاشهاد الا ما استثنی.

الثانی: مستثنیات
القاعدة: اقامة الدلیل علی اعتبار الاشهاد فی صحة الطلاق والظهار.

الثالث: اثبات
استحباب الاشهاد فی غالب العقود و الایقاعات. لان الاستحباب من الاحکام الشرعیة
واثباته بحاجة الی الدلیل الشرعی.

هذه القاعدة فقهیة، وحالها حال الحکم
الفقهی، الا ان نطاق القاعدة اوسع من الحکم، کما ان الاصل عبارة عن مؤدی کل امارة
اخذ فی لسان دلیلها الشک او الجهل، بلا انحصار فی الاصول العملیة الاربعة، لکن
یبحث عن هذه الاصول العملیة فی علم الاصول، لجریانها فی جمیع ابواب الفقه من
الطهارة الی الدیات، خلافا لسائر الاصول، حیث انها جاریة فی باب دون باب، ویسمی
ذلک بالقواعد الفقهیة، کقاعدة الطهارة، فانها قاعدة فقهیة ولکن مفادها الاصل، نظرا
الی اخذ الجهل فی موضوعه.

هذا و لکن القاعدة المبحوث عنها فی
المقام لیست من قبیل الاصل مطلقا، بل من قبیل الاحکام الواقعیة المستفادة من
مطلقات صحة العقود والایقاعات وجوب الوفاء بها و من مطلقات النصوص الواردة فی آحاد
العقود و الایقاعات.

الاستدلال بالکتاب

هناک آیات دلت علی جواز العقود والایقاعات
ونفوذها مطلقا، سواء شهد شاهد فیها ام لا، کقوله تعالی
ياأَيُّهَا الَّذينَ
آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود
»[1]،«أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْع»[2]،«يا أَيُّهَا
الَّذينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ
تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُم
‏»[3]،«فَانْكِحُوا ما طابَ
لَكُمْ مِنَ النِّساء
»[4]،«وَأَنْكِحُوا الْأَيامى‏
مِنْكُمْ وَ الصَّالِحينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُم
‏»[5].

الاستدلال بالسنة

فیمکن تقسیمها الی قسمین:

الاول:مطلق النصوص الواردة فی مختلف
ابواب العقود والایقاعات، وانها متظافرة فی مختلف ابواب الفقه، فتکون هذه النصوص
بصدد اثبات الشرائط والخصوصیات المعتبرة عند الشارع فی ابواب العقود والایقاعات،
فاذا شککنا فی شرط او خصوصیة یمکن التمسک باطلاق هذه النصوص، ویکون هذا الاطلاق من
قبیل الاطلاق المقامی. والنصوص ناظرة الی هذه الجهة.

الثانی: النصوص الخاصة الواردة فی اصل
اعتبار الشهادة فی خصوص الطلاق والظهار، وان کان ظاهر النصوص عدم اعتبار شهادة
العدلین فی الظهار. لکن مقتضی الاجماع اعتبار العدالة فی الظهار.

کلام صاحب الجواهر

قال:«الشهادة ليست شرطا في صحة شي‌ء من
العقود والإيقاعات عندنا إلا الطلاق والظهار، للأصل المستفاد من إطلاق ما يقتضي الصحة
من الكتاب والسنة، كما تقدم ذلك في مواضعه، ولكن يستحب في النكاح والرجعة وكذا في البيع
والدين».[6]

فی رأی صاحب الجواهر تکون الاطلاقات
قابلة للتمسک والاستدلال، کما هو المشهور عند الفقهاء، لکن المحقق النائینی استشکل
علیه بان نصوص الکتاب فی مقام اصل الجعل والتشریع من دون نظرها الی جعل الاجزاء والشرائط
والخصوصیات، ویشترط فی ثبوت الاطلاق النظر الی الجهة التی یراد الاطلاق من تلک
الجهة. فالاطلاقات بصدد بیان اصل مشروعیة التجارات والعقود والایقاعات، وهذه
القاعدة الاصولیة فی الاطلاق، لها جذر فی السیرة العقلائیة المحاوریة وتعطی الظهور
لکل الخطابات ولایمکن رفع الید عنها بسبب وجود السیرة المتشرعة. نعم اذا استدل
بالسیرة المتشرعة فهذا دلیل مستقل بحاجة الی الاثبات.

هذا ولکن السیرة العقلائیة جاریة فی
المعاملات دون العبادات، لان المعاملات امضائیة والشارع امضی ما جری بین العقلاء
فیمکن اخذ الاطلاق بما انها فرع نظر الشارع، بخلاف العبادات، نظرا الی انها تأسیسیة
 ومخترعة، فیکون الشارع فی مقام التأسیس والتشریع
لا الامضاء، ولا نظر له حینئذ.

فاشکال المحقق النائینی وارد فی
العبادات وکذلک فی المعاملات التأسیسیة، دون الشروط التی جرت فی سیرة العقلاء.

ومراد صاحب الجواهر من الاصل، الاطلاقات،
ویستدل بالمطلقات فی موارد عدیدة، وکأن نظره الی ما جری بین العقلاء فی المعاملات
(سواء فی العقود والایقاعات) لا خصوص الموارد التأسیسیة. ولکن شرطیة الاشهاد تکون من
قبیل الشرائط التعبدیة التوقیفیة ولایمکن حینئذ أخذ الاطلاق منها.

استدل
صاحب الجواهر لهذه القاعدة بمطلقات الکتاب، کقوله
تعالیياأَيُّهَا الَّذينَ
آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود
»[7]،«أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْع»[8]،«يا أَيُّهَا
الَّذينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ
تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُم
‏»[9]،«فَانْكِحُوا ما طابَ
لَكُمْ مِنَ النِّساء
»[10]،«وَأَنْكِحُوا الْأَيامى‏
مِنْكُمْ وَ الصَّالِحينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَ إِمائِكُم
‏»[11]،حیث
لم یقم دلیل علی تقیید هذه الاطلاقات باعتبار الشهود، الا ما ثبت فیه الاستثناء
والتقیید. ولکن اشکال المحقق النائینی علیه وارد، کما قلناه آنفا.

واما السنة فاشکاله غیر وارد، لان فیها
وردت نصوص متظافرة فی مقام بیان ما یعتبر من الشرائط فی مطلق العقود والایقاعات، فالاطلاق
هنا مقامی لا لفظی[12]،
لان هذه النصوص بصدد بیان ما یعتبر فیها من القیود والشرائط، ومع ذلک لم یدل شیء
منها علی اعتبار الاشهاد، الا ما ثبت بالحجة الشرعیة ولم یثبت ذلک الا فی الطلاق
باتفاق النص والفتوی، وفی الظهار علی تامل واختلاف، والاقوی الحاق الظهار بالطلاق.
وهذا الاستدلال متین.

واستدل بمقتضی الاصل والمراد منه ان الاشهاد
معتبر فیما لم تکن فیه السیرة العقلائیة، فیکون من قبیل الاحکام التوقیفیة. ولابد
فیها من قیام الدلیل الشرعی علی اثباتها، وکل حکم توقیفی ما لم یثبت حجة شرعیة
فمقتضی الاصل عدم ثبوته، حتی فیما لو قام دلیل وشک فی تمامیة سنده او دلالته. لان
الشک فی الحجیة یساوق عدم الحجیة، فلم یثبت هذا الدلیل فی غیر الطلاق والظهار.

واستدل ایضا بانه اذا شککنا فی مقام
الاستثناء کالظهار لان النصوص الدالة علیه ضعیفة، والعمل المشهور لیس جابرا لضعف
السند عند جمهور الفقهاء، فاذا شککنا فی بلوغه حد الاجماع او کون الاجماع مدرکیا، -لانه
من المحتمل قویا ان دلیل المشهور نفس الروایة الضعیفة-، فحینئذ تجری قاعدة وجوب
الاقتصار فیما خالف القاعدة علی المتیقن من موضع النص، فلابد من وجود نص صحیح
السند و واضح الدلالة فی المقام، واذا شککنا فیه نرجع الی العام، کما هو مقتضی
الشبهة المفهومیة الدائرة بین الاقل والاکثر، لکن فی هذه المسألة تثبت دلالة السنة
والاصل.

مستثنیات القاعدة:

الاشهاد فی الطلاق

اما فی الطلاق، فقد صرح فی الجواهر بقیام الاجماع علیه
بقوله:«وإجماعا بقسميه، بل المحكي منهما مستفيض أو متواتر كالسنة»[13]،
ومن النصوص یستدل باطلاق قوله تعالی:«
وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ»[14] فامر سبحانه باشهاد ذوی عدل بعد ما ذکر اشتراط مضی زمان
العدة فی الطلاق الرجعی، والنهی عن اخراج المطلقة الرجعیة عن البیت، فی الآیة
السابقة:«
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ
مِنْ بُيُوتِهِنَّ
…»[15]، من هنا نقول: ان هذه الایة
وردت فی خصوص الطلاق ودلت علی اعتبار الاشهاد فی صحة الطلاق. حیث ان الامر بالشیء
فی ضمن الطلاق ظاهر فی الارشاد الی الشرطیة، لانه المتفاهم العرفی من الامر فی ضمن
المعاملات والعبادات بشیء خارج عن حقیقتهما»[16].

ومن السنة دلت علی ذلک نصوص مستفیضة
ذکرنا عدة منها.

1. عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ
وَ بُكَيْرٍ وَ بُرَيْدٍ وَ فُضَيْلٍ وَ إِسْمَاعِيلَ الْأَزْرَقِ وَ مَعْمَرِ بْنِ
يَحْيَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام -فِي حَدِيثٍ- أَنَّهُ
قَالَ:«
وَ إِنْ طَلَّقَهَا فِي اسْتِقْبَالِ عِدَّتِهَا طَاهِراً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ-
وَ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ- فَلَيْسَ طَلَاقُهُ إِيَّاهَا
بِطَلَاقٍ»[17].
هذه
الصحیحة من الصحاح الاعلائیة مضافا الی انها مشهورة[18]،
فلابد ان یکون الطلاق الرجعی قبل انقضاء العدة من دون جماع، لانه فی حکم الرجوع،
فعلیه الاشهاد، وهذان الشرطان لا یکفیان فی صحة الطلاق، الا بضمیمة اشهاد رجلین
عدلین.

2. عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ
بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ وَ غَيْرِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه
السلام فِي حَدِيثٍ قَالَ
:«إِنْ طَلَّقَهَا لِلْعِدَّةِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ- فَلَيْسَ
الْفَضْلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ بِطَلَاقٍ- وَ إِنْ طَلَّقَهَا لِلْعِدَّةِ بِغَيْرِ
شَاهِدَيْ عَدْلٍ- فَلَيْسَ طَلَاقُهُ بِطَلَاقٍ وَ لَا يَجُوزُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ»
[19]. وقوله: وان طلقها للعدة، کقوله تعالی:«يا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِن
»[20]
ای: فی زمان العدة ومن غیر جماع. ویشترط فی صحة الطلاق اشهاد شاهدی عدل. ولا تعتبر
فیه شهادة النساء.

3. عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ
بْنِ أَبِي نَصْرٍ قَالَ:
سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ علیه السلام عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ-
بَعْدَ مَا غَشِيَهَا بِشَهَادَةِ‌ عَدْلَيْنِ قَالَ
:لَيْسَ هَذَا طَلَاقاً- قُلْتُ:فَكَيْفَ طَلَاقُ السُّنَّةِ- فَقَالَ:يُطَلِّقُهَا إِذَا طَهُرَتْ
مِنْ حَيْضِهَا- قَبْلَ أَنْ يَغْشَاهَا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ- كَمَا قَالَ اللَّهُ
عَزَّوَجَلَّ فِي كِتَابِهِ- فَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ رُدَّ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ»[21].
هذه الصحیحة تدل علی عدم صحة الطلاق اذا کان بعد الجماع،
فلابد ان تکون المرأة فی طهرها و کان الطلاق قبل الجماع، والامام قد جعل اشتراط
شهادة العدلین أمرا مفروغا عنه، فذکره فی الجواب مع عدم دخله فیه.

فلا اشکال فی تمامیة هذه الروایات سندا
ودلالة. حیث انها صحیحة ودلالتها علی المقصود واضحة.

4. عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ عَنْ زُرَارَةَ
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام
أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ امْرَأَةٍ سَمِعَتْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَهَا-
وَ جَحَدَ ذَلِكَ أَ تُقِيمُ مَعَهُ قَالَ نَعَمْ- وَ إِنَّ طَلَاقَهُ بِغَيْرِ شُهُودٍ
لَيْسَ بِطَلَاقٍ- وَ الطَّلَاقُ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ- وَ لَا يَحِلُّ
لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فَيُطَلِّقَهَا بِغَيْرِ شُهُودٍ- وَ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ الَّتِي
أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهَا»[22]
. هذه
الروایة معتبرة، لعدم توثیق موسی بن بکر، مع عدم ورود ذم فیه. لکنه من المشاهیر
وله روایات عدیدة عمل بها الاصحاب. فیکون الروایة معتبرة.

وهذه الروایة ادل علی المقصود من سائر
الروایات، حیث ان الامام فی مقام بیان الکبری الکلی وهی ان الطلاق بغیر شهود لیس
بطلاق.

الاشهاد فی الظهار

واما فی الظهار، فقد صرح صاحب الجواهر بعدم
الخلاف فیه نصا وفتوی، حیث قال:«و يشترط في وقوعه حضور عدلين يسمعان نطق المظاهر على
نحو الطلاق، بلا خلاف أجده فيه نصا و فتوى، بل الإجماع بقسميه عليه»[23].
یعنی شهدا بانه جعل یده علی ظهر زوجتها وقال لها: ظهرک کظهر امی.

ویدل علیه صحیحة حمران، نقلها صاحب
الوسائل عن مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ
عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي وَلَّادٍ الْحَنَّاطِ عَنْ حُمْرَانَ فِي حَدِيثٍ
قَالَ:
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ علیه السلام: لَا يَكُونُ ظِهَارٌ فِي يَمِينٍ وَ لَا فِي
إِضْرَارٍ وَ لَا فِي غَضَبٍ- وَ لَا يَكُونُ ظِهَارٌ إِلَّا فِي طُهْرٍ مِنْ غَيْرِ
جِمَاعٍ- بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ مُسْلِمَيْنِ»
[24]. دلت
بظاهرها علی نفی اعتبار العدالة وکفایة الاسلام، فبذلک استشکل علیه الشهید فی
المسالک بقوله:«و أما اشتراط كونهما عدلين فلا دليل عليه، إلا من عموم اشتراط العدالة
في الشاهدين، و في إثبات الحكم هنا بمثل ذلك ما لا يخفى من الإشكال. و قد تقدّم في
الطلاق رواية بالاجتزاء فيهما بالإسلام كما أطلق هنا»[25].
ومراده من الروایة المتقدمة هی صحیحة البزنطی التی جاء فی ذیلها
:«قُلْتُ: فَإِنْ أَشْهَدَ
رَجُلَيْنِ نَاصِبِيَّيْنِ عَلَى الطَّلَاقِ- أَيَكُونُ طَلَاقاً؟ فَقَالَ: مَنْ وُلِدَ
عَلَى الْفِطْرَةِ- أُجِيزَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ أَنْ يُعْرَفَ مِنْهُ
خَيْرٌ»[26].
تدل علی قبول شهادة الناصبی اذا عرف منه خیر، فهو غیر فاسق
فی اسلامه و عادل فی مذهبه، ای: مع قطع النظر عن نصبه لا یری منه سائر وجوه الفسق.
فیمکن حملها علی صورتین: اما علی صورة عدم وجود العدلین الامامیین واما علی صورة
جواز الاستناد الی شهادة الناصبی غیر الفاسق فی دینه، للحکم بوقوع طلاقهم حسب
قاعدة الالزام. لکن روایة اعتبار العدلین تابی عن الحمل علی الناصبی الذی هو من
ابرز مصادیق الفسق[27].
لان اطلاقات الکتاب والسنة و کلمات الاصحاب ومعاقد اجماعاتهم تدل جمیعا علی اعتبار
شهادة العدلین. فلابد من طرح صحیحة البزنطی للاستدلال بها لنفی اعتبار شهادة عدلین
فی الطلاق والظهار، نظرا الی مخالفتها لاطلاقات الکتاب والاخبار الصحیحة.

بقیت نکتة وهی: ان فی المقام تخالف بین
آیة النبأ[28] وبین صحیحة حمران التی تدل
علی اعتبار شهادة المسلمین، لان الآیة تدل علی عدم قبول قول الفاسق[29].
والناصبی من اظهر مصادیق الفاسق، لانه منکر للولایة، لاسیما اذا لم یعلم منه خیر. ولکن
نسبة آیة النبا بالقیاس الی صحیحة حمران عموم و خصوص مطلق، حیث ان الضابطة فی اخذ النسبة
بین الادلة ملاحظة موضوع الادلة فان موضوع آیة النبأ مطلق و یشمل کل خبر الفاسق سواء
کان فی الظهار ام فی غیره، لکن الصحیحة موضوعها خصوص الظهار-ولکنها تعم الفاسق
وغیره-. فمقتضی القاعدة تقیید اطلاق آیة النبأ بصحیحة حمران و تقتضی حینئذ قبول شهادة
المسلمین و نفی اعتبار حضور العدلین فی الظهار
. لکن الاجماع قام علی اعتبار العدلین فی الظهار، کما نص علیه صاحب الجواهر. فیکون هذا الاجماع هو المحکّم فی المقام، لعدم کونه مدرکیا و الصحیحة الواردة
فی خصوص الظهار دلت علی عدم اعتبار العدلین، فیخالفه الاجماع. فیکون الاجماع تعبدیا
و لامناص من الاخذ به و رفع الید عن اطلاق الصحیحة.

ومراد صاحب المسالک من عدم وجود الدلیل
علی اعتبار العدلین، هو الدلیل اللفظی، ای: النصوص، لا الدلیل اللبی، ای: الاجماع،
لکن یرد علیه ان عدم وجود الدلیل اللفظی یقوی الاجماع التعبدی و یدفع احتمال
مدرکیته.

واحتمال مدرکیة هذا الاجماع لوجود
مرسلة ابن فضال التی وردت فی خصوص الظهار: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ
بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ‌ عَمَّنْ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ
علیه السلام قَالَ:«
لَا يَكُونُ الظِّهَارُ إِلَّا عَلَى مِثْلِ مَوْضِعِ الطَّلَاقِ».
وَ رَوَاهُ الصَّدُوقُ مُرْسَلًا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بِإِسْنَادِهِ
عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ مِثْلَهُ[30].
فمقتضی المماثلة والتنزیل اشتراط العدلین فی الظهار، کما فی الطلاق. فینجبر ضعف
سندها بعمل اتفاق الاصحاب. فیقدم المرسلة علی الصحیحة بحسب مدلولها. لان مدلول
المرسلة یقید مدلول الصحیحة المطلقة، فلابد من اعتبار العدالة فی الظهار ایضا کما
فی الطلاق.

لا یقال: انه یفهم من مذاق الشارع انه
کلما اعتبر الشهادة فی الاسلام، تعتبر فیه عدالة الشاهدین.

فانه یقال: لان النصوص مقدم علی المذاق
ومفادها عدم اعتبار العدالة فی ای عقد و ایقاع.

استحباب الاشهاد

یستحب الاشهاد فی موارد، منها: الرجوع
فی اثناء الطلاق الرجعی قبل انقضاء عدة الطلاق، ویدل علیه النصوص:

1. صحیحة الحلبی: عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ
عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنِ الْحَلَبِيِّ عَنْ أَبِي
عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام فِي الَّذِي يُرَاجِعُ وَ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ:«
يُشْهِدُ أَحَبُّ إِلَيَّ
وَ لَا أَرَى بِالَّذِي صَنَعَ بَأْساً»
.[31]
و کلام الامام صریح فی الاستحباب.

2. صحیحة زرارة و ابن مسلم: عَنِ ابْنِ أَبِي
عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ وَ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ علیه السلام قَالَ:«
إِنَّ الطَّلَاقَ لَا‌ يَكُونُ بِغَيْرِ شُهُودٍ- وَ
إِنَّ الرَّجْعَةَ بِغَيْرِ شُهُودٍ رَجْعَةٌ- وَ لَكِنْ لِيُشْهِدْ بَعْدُ فَهُوَ
أَفْضَلُ»
.[32]
والافضلیة ظاهرة فی الاستحباب.

ومنها: البیع، و یدل علیه قوله تعالی:«وَ أَشْهِدُوا إِذا
تَبايَعْتُمْ
»[33]
وصیغة الامر تدل علی الوجوب اذا لم تکن قرینة قطعیة علی خلافها والا تحمل علی
الاستحباب. کما قال فی المسالک:«الاشهاد مستحب فی البیع، لقوله تعالی: وأشهدوا اذا
تبایعتم»[34].

ومنها: الدین، ویدل علیه قوله تعالی:«يا أَيُّهَا الَّذينَ
آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ
بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ…وَ اسْتَشْهِدُوا شَهيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ
لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ
أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى‏ وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ
إِذا ما دُعُوا…»[35]

فالامر بالاشهاد فی الآیة یحمل علی
الاستحباب، نظرا الی اتفاق النص و الفتوی علی عدم وجوبه فی الدین، وتدل علیه صحیحة
داوود بن الحصین: عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ وَ عَلِيِّ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ
دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام:
فَقُلْتُ: فَأَنَّى ذِكْرُ
اللَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ:”فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ”؟
فَقَالَ:ذَلِكَ فِي الدَّيْنِ»[36] واستحبابه
فی الدین متفق
علیه بین الاصحاب، کما اشار
الیه فی الجواهر:«و لكن يستحب في النكاح و الرجعة و كذا في البيع و الدين، و الخلاف
في ذلك نادر، كما عرفت البحث فيه في محاله مفصلا»
[37].

 ومنها: النکاح، وتدل علیه أیضا صحیحة داوود بن
الحصین السابقة عن ابی عبدالله علیه السلام:
«سَأَلْتُهُ عَنْ شَهَادَةِ النِّسَاءِ
فِي النِّكَاحِ بِلَا رَجُلٍ مَعَهُنَّ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُنْكِرَةً فَقَالَ:
لَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ قَالَ: مَا يَقُولُ فِي ذَلِكَ فُقَهَاؤُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُونَ
لَا تَجُوزُ إِلَّا شَهَادَةُ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَقَالَ:كَذَبُوا لَعَنَهُمُ اللَّهُ
هَوَّنُوا وَ اسْتَخَفُّوا بِعَزَائِمِ اللَّهِ وَ فَرَائِضِهِ وَ شَدَّدُوا وَ عَظَّمُوا
مَا هَوَّنَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ فِي الطَّلَاقِ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ
فَأَجَازُوا الطَّلَاقَ بِلَا شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَ النِّكَاحُ لَمْ يَجِئْ عَنِ اللَّهِ
فِي عزیمة (بعنوان الواجب) فَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ
(صلی الله علیه وآله و سلم) فِي ذَلِكَ الشَّاهِدَيْنِ
تَأْدِيباً وَ نَظَراً لِئَلَّا‌ يُنْكَرَ الْوَلَدُ وَ الْمِيرَاثُ وَ قَدْ ثَبَتَتْ
عُقْدَةُ النِّكَاحِ (وَ اسْتُحِلَّ الْفُرُوجُ) وَ لَا أَنْ يُشْهَدَ…»[38]

قوله: فسن: یعنی من باب السنة، لا العزیمة. فالاشهاد یکون مستحبا.

 

 

 

التحقیقات و
التعلیقات

1. قال السید
الامام فی التحریر
:«الشهادة لیست
شرطا فی شیء من العقود والایقاعات الا الطلاق والظهار»[39]
قال
بعض الاعلام فی بیان دلیل ذلک:«انّ كلّا من العقود و الإيقاعات حقيقة اعتبارية عقلائية
تتحقّق بإنشائها ممّن له حقّ الإنشاء مراعياً للشرائط، و ليس منها الإشهاد عليها قطعاً،
و الشارع أمضاها و جعلها موضوع الأحكام الشرعية، فحيث لا دليل على اعتبار أمر زائد
فيها يحكم على الموضوع العرفي بتلك الأحكام، و قد تقرّر ذيل كلّ من تلك العقود و الإيقاعات
عدم قيام دليل على اعتبار الشارع للإشهاد في صحّتها، -الا فی الطلاق والظهار- بل ورد
في بعضها كالنكاح و غيره دليل خاصّ على عدم اعتبار الإشهاد».[40]

2. ذهب العامّة
إلى اعتبار الإشهاد في صحة النكاح[41]و
عن ابن أبي عقيل اختيار هذا القول‌ في النكاح الدائم [42]
و استدلّ على ذلك برواية مهلب الدلّال: أنّه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام): أنّ
امرأة كانت معي في الدار، ثمّ إنّها زوّجتني نفسها، و أشهدت اللّٰه و ملائكته على ذلك،
ثمّ إنّ أباها زوّجها من رجل آخر، فما تقول؟ فكتب (عليه السلام): «التزويج الدائم لا
يكون إلّا بولي و شاهدين، و لا يكون تزويج متعة ببكر، استر على نفسك و اكتم رحمك اللّٰه»[43].
وجه الدلالة:ان الامام فی مقام تحدید صحة النکاح الدائم بحضور الولی و الشاهدین، لکنها
ضعیف السند[44]. و معتبرة المعلّى بن خنيس، قال:
قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): ما يجزي في المتعة من الشهود؟ «فقال: رجل و امرأتان
يشهدهما» قلت: أ رأيت إن لم‌ يجد واحداً؟ «قال: إنّه لا يعوزهم» قلت: أ رأيت إن أشفق
أن يعلم بهم أحد أ يجزيهم رجل واحد؟ «قال: نعم» قال: قلت: جعلت فداك، كان المسلمون
على عهد رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) يتزوّجون بغير بيّنة؟ «قال: لا»[45].
فالرواية الأُولى ضعيفة، والثانية لا دلالة على الوجوب في نفسها، کما صرح بذلک
المحقق الخوئی [46].هذا مضافاً إلى وجود الروايات
المستفيضة الدالّة على عدم اشتراط الاشهاد في النكاح[47].

3. من
الروایات التی لم یتعرض لها الاستاد صحیحة زرارة بن اعین:عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ
عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ قَالَ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ
اللَّهِ علیه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ بِغَيْرِ شُهُودٍ- فَقَالَ:«
لَا بَأْسَ بِتَزْوِيجِ
الْبَتَّةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اللَّهِ- إِنَّمَا جُعِلَ الشُّهُودُ فِي تَزْوِيجِ
الْبَتَّةِ مِنْ أَجْلِ الْوَلَدِ- لَوْ لَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ»[48].
حیث دلت بصراحتها علی عدم الاشتراط الاشهاد فی النکاح.

4. المشهور شهرة
عظيمة بین الاصحاب ان الاشهاد مستحب في المبايعة و الدين، واستدلّ بعض الاعلام[49]
له –مضافا الی الآیات والروایات- بقيام الضرورة و السيرة القطعيّة على جواز البيع و
الدين بغير إشهاد، مضافا الی ما ورد في عدّة من الروايات من عدم استجابة دعاء من كان
له على غيره مال بدين أو غيره و لم يشهد على ذلك، مثل معتبرة جعفر بن إبراهيم عن أبي
عبد اللّٰه (عليه السلام) «قال: أربعة لا يستجاب لهم دعوة إلى أن قال: و رجل كان له
مال فأدانه بغير بيّنة، فيقال له: أ لم آمرك بالشهادة»[50]
و معتبرة مسعدة ابن زياد عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) «قال: قال رسول اللّٰه (صلّى
اللّٰه عليه و آله و سلم): أصناف لا يستجاب لهم: منهم من أدان رجلًا ديناً إلى أجل،
فلم يكتب عليه كتاباً، و لم يشهد عليه شهوداً»[51]
ولکن استشکل علیه بعدم دلالة النصوص علی الاستحباب الشرعی و ان الامر فیها ارشاد
لحکم العقل بالاشهاد، فلا یکون الامر مولویا.[52]

5.استدل شیخ الطائفة
علی حمل الامر فی الآیة:«
وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ»[53]
علی الاستحباب بقرینة الآیة اللاحقه:«
وَ إِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَ لَمْ تَجِدُوا كاتِباً
فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ»[54]
حیث ان
البيع الذي أمر بالإشهاد عليه هو البيع الذي أمر بأخذ الرهن به عند عدم الشهادة، فلو
كانت واجبة ما تركها بالوثيقة. و أيضا قال:«
فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً
فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ»
فثبت أنه غير
واجب، إذ لو كان واجبا لما جاز تركه بالأمانة»[55]
.

وفیه: ان الدلیل
لا یثبت المدعی، لان غایة ما افاده تصریح الآیة هو ان الامر باخذ الرهن لاجل عدم وجود
الکاتب لا الشاهد، فلا تدل علی عدم وجود الشاهد، اللهم الا ان یقال: ان الکاتب لا خصوصیة
له، والملاک فی کل من الکاتب و الشاهد واحد
.

و أيضا صرح بان
الآية متروكة الظاهر، لأنه أمر بالإشهاد بعد وجود البيع، فانه جعل البیع مفروض الوجود
ثم امر بالاشهاد فیه. قال:«وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» ولان حقيقة الاشهاد بعد
وقوع فعل التبايع»
.

وهو کما تری، لان
المتفاهم العرفی من سیاق الآیة ان صحة البیع تتوقف علی الاشهاد لانه فی مقام الشرط.
و الامر بالشرط ظاهر فی الوجوب عند عدم القرینة.

6. استدل بعض
المحققین لعدم اعتبار الاشهاد فی العقود و الایقاعات بإنّه مقتضى الإطلاق فيما ورد
في إمضائها مع عدم قيام دليل على اعتبار الاشهاد، بل الدلیل قائم على نفي اعتباره فيه
كالنكاح، والرجعة في الطلاق الرجعي،… و لا يبعد أن يكون الأمر بالإشهاد في البيع
و الدين كذلك، و ان يحتمل كونه لمجرد الإرشاد إلى قضية الإثبات عند وقوع المخاصمة و
الإنكار»[56].

7. لا شک فی
وجوب الاشهاد فی الطلاق، لانه رکن من ارکانه وعلیه الاجماع والاخبار، کما صرح به فی
کشف اللثام:«الإشهاد و هو ركن في الطلاق، بالإجماع و النصوص من الأخبار و هي كثيرة،
و الكتاب لأنّ حقيقة الأمر الوجوب. مع أنّ تعليقه بالإمساك ليس بأقرب من تعليقه بالطلاق
و إن قرب لفظاً، لتخلّل قوله تعالى: «أَوْ فٰارِقُوهُنَّ» فلا يجوز العطف على قوله:
«فَأَمْسِكُوهُنَّ»، بل لابدّ من العطف على مجموع هذه الشرطيّة أو الشرطيّة الاولى،
أعني قوله: «إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ»[57].
وعن بعض:«ذهب الشيعة إلى وجوب الاشهاد في الطلاق و أنّه ركن من أركانه، و لم يوجبوه
في الرجعة و التفريق بينهما غريب لا دليل عليه ،و قال أبو زهرة: قال فقهاء الشيعة الإمامية
الاثنا عشرية و الإسماعيلية: إنّ الطلاق لا يقع من غير اشهاد عدلين، لقوله تعالى «في
أحكام الطلاق و انشائه في سورة الطلاق»:
(وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ
بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَنْ يَتَّقِ اللّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
* وَ يَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)[58] فهذا
الأمر بالشهادة جاء بعد ذكر انشاء الطلاق و جواز الرجعة، فكان المناسب أن يكون راجعاً
إليه، و أنّ تعليل الاشهاد بأنّه يوعظ به من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر يرشّح ذلك
و يقويه، لأنّ حضور الشهود العدول لا يخلو من موعظة حسنة يزجونها إلى الزوجين، فيكون
لهما مخرج من الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى اللّه سبحانه و تعالى»[59].

8. والذی یخطر
بالبال اخیرا هو ان آیة النبأ أجنبیة عن المقام، لان موضوعها النبأ والخبر، لا
الشهادة ولو سلمنا دلالتها علی الشهادة -بان إخبار البینة لیس الا شهادة عما شهده-،
فلا یفید أیضا، لان الکلام فی الاشهاد دون اداء الشهادة. والله العالم بالصواب.

والحمدلله
أولا وآخرا

 



[1] . المائدة: 1.

[2]. البقرة:275.

[3] . النساء:29.

[4] . النساء:3.

[5] . النور:32.

[6]. جواهر الكلام في
شرح شرائع الإسلام؛ ج‌41، ص: 178.

[7] . المائدة: 1.

[8]. البقرة:275.

[9] . النساء:29.

[10] . النساء:3.

[11] . النور:32.

[12] . لان الاطلاق
لایستفاد من اللفظ حتی یکون لفظیا، بل یستفاد من مقام الخطاب.

[13] . جواهر الكلام في
شرح شرائع الإسلام؛ ج‌32، ص: 102.

[14] . الطلاق:2.

[15] . الطلاق:1.

[16] . دلیل تحریر
الوسیلة، کتاب الشهادات:163.

[17] . وسائل الشیعة ج 22ص 26.

[18] . یکفی فی صدق
المشهورة ذکرها عدة من الرواة فی عرضهم، ولاحاجة الی تعدد ذکر الروایة فی مختلف
الابواب.
فیقدم علی ما یعارضه.
لقول الامام:«خذ بما اشتهر بین اصحابک».

[19] . وسائل الشیعة
ج 22ص 26.

[20] . الطلاق :1.

[21] . وسائل الشیعة
ج 22ص 27.

[22] . وسائل الشیعة ج 22ص 27.

[23] . جواهر الكلام في
شرح شرائع الإسلام؛ ج‌33، ص: 105.

[24] . وسائل الشيعة؛
ج‌22، ص: 307.

[25] . مسالك الأفهام
إلى تنقيح شرائع الإسلام؛ ج‌9، ص: 475.

[26] . وسائل الشیعة
ج 22ص 27.

[27] . لانه منکر
لولایة اهل البیت علیهم السلام. والناصبی اخص من اهل العامة.

.[28] قوله تعالی:«إِنْ
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا
عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ». الحجرات:6.

[29].
کل خبر یکون من قبیل الشهادة، ومعناه ان یخبر الشاهد عما شهده، لان ماهیة الشهادة
لیست الا اخبار عن حس، فتشمله آیة النبأ، ومخاطبها الحاکم. فلابد له التبین قبل
الحکم. واما قوله:”ان تصیبوا قوما بجهالة” فهو من قبیل الحکمة لا العلة
المنصوصة. فلا یدور الحکم مداره.

[30] . وسائل
الشيعة؛ ج‌22، ص: 307
.

[31] . وسائل الشيعة؛ ج‌22، ص: 134.

[32] . المصدر، ص: 135.

[33] . البقرة:282.

[34] . مسالک الافهام
ج14 ص 261.

[35] . البقرة:282.

[36] . وسائل الشيعة؛
ج‌27، ص: 361.

[37] . جواهر الكلام في
شرح شرائع الإسلام؛ ج‌41، ص: 178.

[38] . وسائل الشيعة؛
ج‌27، ص: 360.

[39] . تحرير الوسيلة،
ج‌2، ص: 448‌.

[40] . مباني تحرير الوسيلة
– القضاء و الشهادات؛ ص: 663.

[41] . الأم: 5/ 23، مختصر
المزني: 164، الحاوي الكبير: 11/ 84، بداية المجتهد: 2/ 17، المغني لابن قدامة: 7/
340، حلية العلماء: 6/ 365 و 8: 245.

[42] . فتاوى ابن عقيل
(رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين): 125. و حكى عنه العلّامة في مختلف الشيعة:
7/ 118 مسألة 58.

[43] . الوسائل 21:
34، أبواب المتعة ب 11 ح 11.

[44] . و ذلک لان
الفضل بن کثیر المدائنی الواقع فی السند، لم یتصف فی معجم الرجال بشیء، مضافا الی المهلب
الدلال مجهول
و في الوسائل بعد نقله:
«حمله الشيخ على التقية».

[45] . الوسائل 21:
65/ أبواب المتعة ب 31 ح 3.

[46] . مباني تكملة المنهاج،
ج‌41موسوعة، ص: 168‌.

[47] . تفصيل الشريعة
في شرح تحرير الوسيلة – القضاء و الشهادات؛ ص: 563.

[48] . وسائل الشيعة؛ ج‌20، ص: 98.

[49] . مباني تكملة المنهاج؛
ج‌ 41موسوعة، ص: 169.

[50] . الوسائل 7:
124/ أبواب الدعاء ب 50 ح 2.

[51] . المصدر ح 7.

[52] . مباني تكملة المنهاج؛
ج‌41موسوعة، ص: 170.

[53] . البقرة: 282.

.[54]  البقرة: 283.

[55] . الخلاف، ج‌6، ص:
251‌.

[56] . أسس القضاء و الشهادة؛
ص: 560.

[57] . كشف اللثام و الإبهام
عن قواعد الأحكام؛ ج‌8، ص: 44.

 

[58] . الطلاق: 2و3.

[59] . نظام الطلاق في
الشريعة الإسلامية الغراء؛ ص: 130.

ثبت دیدگاه

دیدگاهها بسته است.